الجمعة، 15 مايو 2020

المكتبة الوطنية

كانت المكتبة الوطنية هي العذر المباح لإلتقاء الأعين.
هي من جمعتنا على طاولة واحدة فيما بعد.
هذا عذرها هي للهروب من سطوة أهلها ، بينما كان عذري الشوق.
صادف اليوم عيد ميلادها العشرون.
أنا شيء عتيق بالنسبة إليها في حال خضنا في فارق العمر!

ابتهجت الكتب والمكتبة والمجمع والعاملون والمتسوقون أجمع.
أستطيع أن أرى ابتسامتهم الواسعة.
كانوا مثلي.
سعداء لوجودها.
أصرّوا على أن يشاركوني الفرحة.
كلّ على طريقته الخاصة.
أجمل مافي الفرحة هي أنها تبتعد عن مظاهر التكلّف.
وحدهم الطيبون ، الجميلون و اللطفاء هم من نسعد لسعادتهم.

أكاد أجزم بأننا نستطيع دراسة لغة الجسد بوضوح تام في تلك الأجواء.

كان لقاء خجولا، يطغى عليه الاستحياء في معظم الوقت.
لا سيما هي.
لم تكن تكاد تتمالك نفسها من شدة الخجل!
أغرمت بها للحظتها.
استأذنت سريعا لتتوارى عن ذلك.
فعليا.لم يحن اللقاء بعد.
التقينا بعدها بهنيهات عند إحدى متاجر الحلويات المعروفة.
مازلت أذكر موقعه : في الدور الأرضي من المجمع ويقبع بالزاوية مزهو بعلامته التجارية.

هنا جميع الأفعال وردود الأفعال المريبة والعجيبة والتلقائية كانت حاضرة.
سكبَت القهوة على يديّ دون عمد.
تحدثتٌ عن دوستويفسكي السوداوي في لقاء غرام!
لم أكن أعلم بميلادها إلا متأخرا جدا.
وتلك معضلة لا تغفر في قاموس العشق.
بحثت عن هدية ملائمة وما وجدت إلا النص المحكم.
نص شاعري صادق عن ألف هدية ثمينة!
المفاجأة أن جميع المكتبات في ذلك اليوم، في ذلك التوقيت قد نفذت منها ظروف التهنئة، يبدو الأمر و كأنه مدبر!
الأمر الذي جعلني أتعثر بالمجيء فارغ اليد ولذلك أهدتيها رسالة حب دون ظرف!
في المقابل أهدتني ساعة جميلة وكأنها تحتفي بي وليس العكس!
شعرت حينها بالحرج لولا أنها احتوتني كما تفعل دوما.
آمنت للحظتها أن أجمل اللقاءات تلك التي لا تتقيد بنص أو ترتيب مسبق.
فقط الأعين هي من تتكلم.

السبت، 2 مايو 2020

الماضي

الاقتحام هو فعل غير إرادي يحدث لسبب مقنع ولكنه سلبي في نهاية المطاف.
بعض الاقتحامات رغم سلبياتها الا أنها لذيذة؛ ولذتها هي في الأثر الذي يحدث بعد ذلك.

نتوهم بأننا نستطيع نسيان الماضي.
ما الماضي إلى سلسة طويلة من ذكريات وأحداث وتجارب نستطيع فيما بعد أن نتحكم بها قدر ماشئنا!
نغفل بأنها تشكّلنا بطريقة أو بأخرى، تصنع منّا شخصياتنا التي عليها الآن.
الأمر المثير للشفقة فعلا هي أننا ضحايا لذلك الماضي سواء تمّ بقناعة منّا أو إكراه فالنتيجة واحدة.الشجاعة تتطلب منّا المضي قدما.. السير بخطى واثقة نحو الهدف المنشود وأن ننسى الماضي الذي جرّعنا خيبات أمل لا تنتهي ..
 لكن هل عسانا أن نفعل؟!
هل نستطيع فعل ذلك أصلا؟

لطالما قد آنست بالماضي.
حرصت على انتقاء اللحظات كيفما أريد وكيفما أرغب.
أن أروض تلك الذاكرة اللعينة بما يتناسب مع تصوراتي الحالية.
والنتيجة نفسها..تكرار الألم.

دوما أتساءل مع نفسي عمّا إذا ابتكروا علاجا للنسيان؟
بل وأكثر من ذلك..
أتابع آخر ما توصل به الطب الحديث، ماذا أنتجت شركة فايزر هذا العام؟
ماذا عن شركة سانوفي مثلا؟
ماذا عن الشركات الأخرى والتي تحقق إيردات تتجاوز 1.1 تريليون دولار؟
أ لم تجد شركة عالمية منتجا يساعد على النسيان بعد ؟
وهكذا أتصفح المستجدات عن آخر العلاجات لأفضل الشركات لكن دون جدوى.

حتى اهتديت إلى الحل المثالي.
والذي أزعم بأنه ساذج ولكن ما يترتب عليه هو العلاج الأمثل.
ألا أتجاوز الماضي أبدا.
ألا أتقبله أيضا.
ما أنا عليه الآن هو تفوّق وانتصارعلى كل تجربة عشتها سابقا بحلوها ومرها.
هي الوسيلة الناجحة،الناجعة التي خولتني على تدارك الأخطاء والانتباه على عدم تكرارها مجددا.
وأخيرا..
قلّل طموحاتك مستقبلا حتى لا تندب حظك وتعيد تكرار الخطأ.