نحن معشر الكتُّاب.. مبدعون، متألقون، سواء مع وجود الذكاء الاصطناعي أو عدمه.
نستطيع أن نكتب وفي دواخلنا ما نبطنه، الجميع يقرأ ظاهر النص بطريقة اعتيادية لكن نبطنها بحيلة ماكرة. ألا تقول العرب: المعنى في بطن الشاعر؟!
وهل يستطيع ذكاء اصطناعي أن يبطن ما يظهره؟ مستحيل.
المعنى ليس في ظاهر النص، بل في باطنه وقلَّ من يمكنه قراءة باطنه أو تفكيك رموزه!
لهذا السبب من ترتبط بكاتب حذق ونبيه، ستجد صعوبة في قراءة ما بين السطور.
أكثر ما يزعجنا هو المبالغة في الإطراء رغم أننا بسجيَّتنا نحب الإطراء.
نعم، نحن الكتُّاب نحب أن نسمعها بصدق لا بتزلّف.
فشتَّان بين قولك: النص رائع وأحسنت، وبين لمست في كلماتك غضب عندما كتبت كذا وأحسست بالدفء عندما أردت التعبير بكذا، وابتهجت أساريري عند قولك كذا..
ما لم تمتلك مهارة الإطراء كهذه؛ فاقترح عليك بأن تكتفي بهذه العبارة: هذا نصٌ فريد كصاحبه.
الكتابة عند الكاتب الماهر ليس مجرد نص جامد فحسب.
هي مهارة تجعلنا نقدِّم كلمة أو نؤخر جملة بهدف إيصال المعنى وهكذا دواليك..
مهارة نخوض في غمارها تحديات، تضحيات وتجارب ثم نكتب عنها ببساطة.
والكتابة في هذه الحالة ما هي إلا ثمن التذكرة التي بسببها نعيش التجربة؛ بحلوها ومرها.
تكلفة التذكرة قد تكون باهظة، موجعة، مريرة وأحيانًا النقيض منها تمامًا.
في عقلنا ندرك كم هي روعة البدايات، لاسيما عندما تبدأ الأفكار بخلق نص بديع من العدم.
ثم تأتي النهايات التي لا نعلم كنهها، ولكن ندفع ثمنها طوعًا أو كرهًا.
في الحقيقة، الكتابة متعة صارخة في أعماقنا، نداعب بها الكلمات كما نداعب الأنثى الجامحة!
خاصةً عندما يكون النص قد كُتب من الأعماق.. الأعماق الذي نخشى المرور عليه.
ألم يقولوا: بأن عقول الرجال تحت أقلامهم.
في الواقع يغرينا نحن الكتُّاب بأن نُعرف كعقلاء، مفكرين، أدباء وكتُّاب نخبويين ومثقفين.
ولعلنا في هذه الحالة نكتب كهدف إضافي نتوَّج به أمام الملأ.
وبطبيعة الحال، الجميع يكتب بما يسدُّ احتياجاته؛ ولذا عندما قال أحدهم لبرناند شو مغترًا بنفسه: أنا أفضل منك، فأنت تكتب من أجل المال، وأنا أكتب من أجل الشرف! زعم بكلماته هذه أنه أقام حجته لحين ردَّ عليه شو بأربع كلمات: كل يبحث عمَّا ينقصه!
نكتب عن الفضيلة، القومية، العروبة، العشق.. تظل في نهاية المطاف كلمات ضمن سطور لحين اكتمالها كنص، ولن يعلم القارئ الساذج مدى إيمان الكاتب بها!
ولهذا يقال عنَّا باستمرار: أنهم يقولون ما لا يفعلون.
حالة واحدة فقط قد نعلم صدق الكاتب في كتابته وهي القشعريرة التي تصيبك أثناء القراءة؛ نعم عزيزي القارئ النبيه، فالكلمات أرواح نشعر بها، نطمئن لها ساعة ونبكي بها ساعة أخرى.
أليس هذا ما يفعله الكاتب الماهر؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق