الاثنين، 1 سبتمبر 2025

الله لا يلعب بالنرد

 " الله لا يلعب بالنرد " عبارة قالها أينشتاين ليجسِّد فكرة أن الكون لا تحكمه الصدفة ولا الفوضى.
هذه العبارة جاءت ردًا على ميكانيكا الكم والتي تقول بأن سلوك الجسيمات دون الذرية لا يمكن التنبؤ بها بدقة؛ فقط بالاحتمالات.
هذه السطور أردت بها توضيح السيناريو الأسوأ الذي نفكر به في أوقاتنا الصعبة، عن الشعور الذي يراودنا في أحلك الظروف؛ عن تخلي الله عنَّا!

عبارة قد لا نقولها باللسان لكن ضمن أحاديث العقل، ولعلها تترسَّخ في عقلنا أكثر وتتشبَّث بطريقة مزعجة ومؤذية في حال شاهدنا بعض ممن ابتعدوا عن الله بسبب أو لآخر وتجده ناجحًا في حياته، وأنت الذي تتخبط في أمور دنياك وتحاول أن تحافظ على دينك لأنك ببساطة قد تربَّيت عليها منذ الصغر وتمارسها كروتين يومي وحياتي، وتشعر بالخلل متى ما توقف عنها، وأعني الصلاة والأخلاق وغيرها، ثم تأتيك هذه الفكرة التي تلح عليك ما جدوى هذا كله؟!

ومن تجربتي الشخصية محاولة طرد مثل هذه الأفكار غالبًا تكون كحل مؤقت فحسب، ما يجب عليك فعله هو أن تواجهها بضراوة، بحجج قوية ومقنعة. لا يوجد حل آخر.

الحجة الأولى:
الله لا يحتاجك؛ العبادة التي تؤديها والمصابرة التي تمارسها في أفعالك أجرها لك، والرهان يا عزيزي قد يبدو ثمينًا للغاية، من الناحية الأبدية والسرمدية: إما إلى الجنة أو النار.
الحجة الثانية:
عبادة الله بيقين هو أولى هذه الحلول، اعترف بنقصك وتكلَّم معه بعفوية وشاركه مخاوفك وشكَّك، هو أعلم بك من غيرك، يعلم ما في صدرك، حاول فقط بأن تدعو الله بيقين وأنت منكسر وأن الله سيدبِّر لك الأمر ويفرِّج همَّك؛ هي مسألة وقت.
الحجة الثالثة:
حكمة الله في كل شيء، من ناحية تأخير المطلوب أو حدوث المصاب؛ الله يختبر مدى قوة صبرك، وثقتك به، فإما أن تنجح في هذا الاختبار أو تفشل. لا خيار ثالث.
الحجة الرابعة والأخيرة:
جميع الحلول تنعدم متى ما يئست عن الله، قد تستمتع في البداية بفكرة التخلي عن خالقك وموجدك وتشعر بانتصار وربما تيسير لأمورك لكنها النهاية التي تودي بك إلى الهاوية والكارثة، ستصيبك اختبارات جديدة لكن ستواجهها بنفسك ودون معيَّة الله وتوفيقه، ستجد صعوبة في مجابهتها دون أن تنظر إلى السماء بانتظار الفرج، ستعيش حياتك بعبثية مطلقة، بعشوائية وفوضى عارمة، ستسمي الأسماء بغير مسمياتها الحقيقية. ستقول الحظ بدل القدر، ستقول هذا بجهدي وعقلي بدل أن تقول هذا بتوفيق الله بأن يسَّر لي الأسباب، وحالة من الإنكار الوجودي الذي يليق بك كإنسان ناكر للجميل والمعروف وتزعم بأنك تستطيع النجاح بمفردك وبمعزل عن كل أسباب الله ولعلك تنجح أو تفشل لكن ستكون خسارتك عظيمة جدًا، ما قيمة استثمار ثمانون سنة من حياتك كحد أقصى في مقابل حياة أبدية لا نهاية لها أبدًا؟!

الخلاصة..
أنا لست بأفضل حالًا منك عزيزي القارئ، لدي مخاوفي وشكوكي أيضًا؛ الأمر كله بأني أحاول إنقاذ ما يمكنني إنقاذه من كابوس اليأس، من سطوة الحياة التي لا ترحم، من نفسي والشيطان والناس.. بالله وحده الذي لا يلعب بالنرد.

ليست هناك تعليقات: