الخميس، 17 فبراير 2022

مقابلة تلفزيونية

 في إحدى مقابلاته التلفزيونية يعلّق الفنان السينمائي المدعو بسلطان عبدالعزيز عن سبب نجاحه كممثل في الجانب الدرامي يقول: أشيد بالفضل لله أولاً ثم لدعوات أمي ثم لأبي من انتزعت من قلبه الرحمة وعدد من الشخصيات القريبة مني؛ لا أعتقد بأني استحق هذا الوهج وهذا النجاح دون أن أشكرهم.

فطنة المذيع أبت أن تتجاوز تلك العبارة والتي قد تكون مادة إعلامية مثيرة للجدل؛ ماذا تعني بقولك وهنا استشهد من حديثك: "أبي من انتزعت من قلبه الرحمة" ؟
يجيب الفنان: ليست من عادتي الخوض في حديث نفسي ممل طويل عدا أن استشهادي بهذا القول جاء نتيجة تراكمات ورغبت بأن أفصح عنها ليستفيد غيري بها.
هي تجربة حدثت معي وليست بالضرورة أن تحدث مع كل أحد ولكن إن حدثت أنصح بأن يتصرف بطريقة أكثر عقلانية مما فعلت أنا.

الأب والأم أرزاق من السماء؛ وأعني بالرزق بالسبب الرئيسي في تشكيل شخصية أطفالهم.
هذا الأمر خارج عن سيطرتنا بالكلية.
من يتمتع بوالد ذو عقل نظيف وشخصية قيادية حازمة ورحيمة فهو قد رزق الحكمة، ومن تمتع بوالدة حنونة، معطاءة ومتفهمة فقد رزق بالبطولة، وما بين تلك الظروف والأرزاق يتشكل الإنسان وفقاً لتجارب الحياة ودروس الشارع.

على هذا الأساس عرّجت على تلك النقطة.
حكمة الله لي أن رزقني بأبٍ غير واعٍ، غير قيادي بطبيعة الحال، يجسّد معاني الأنانيّة وعدم امتلاك البصيرة ولكن والحق يقال كان عصامياً ومازال.
شخصية والدي لم تعزز فيني الصفات التي تؤهلني في وقت مضى من أن أصبح ما عليه الآن؛ من إدراك وفهم نشأة الأطفال مع أب مثل أبي، حيث مكّنتني تلك المعرفة من استلهام العذر لكل طفل تجرّع ألم تلك الشخصية وتلك التربية عبر سلوكيات غير مفهومة أو ردود أفعال غير مدروسة.
كاكفا، نيشته وتولويستوي روائيين ومفكرين عظماء كان لهم نفس النصيب من سلوك الأب وحماقته في التربية إلا أن ذلك لم يمنعهم من النجاح أو التفرّد فيما وصلوا إليه من العظمة.

حتى لا استفيض أكثر وتصبح هذه المقابلة حلقة درامية متلفزة؛ أردت أن أقول وبشكل واضح: الأب والأم ما لا يمكن للإنسان اختياره مطلقاً. هم خير بمطلق الأحوال لأنك ستجني العظمة منهم عبر التربية الحسنة والتمكين أو الحماقة والخذلان؛ فإما أن تنزوي على نفسك وتندب حظك وتعيش حياة بائسة أو تتجاوزها بالحد الأدنى من ما يطلبك به الشرع والدين ضمن حدود التكليف، وهذه رسالة للشباب.

ورسالة أخيرة لكل الآباء والأمهات: اتقوا الله في أطفالكم.
التربية شيء والرعاية شيء آخر؛ الرعاية يقوم بها الحيوانات بمختلف الأنواع، بينما التربية تتجسّد بالوعي وتتطلّب منكم الاجتهاد.
يجب أن تفهموا مقولة علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه: "لا تربوا أبناءكم على زمانكم فقد ولدوا لزمان غير زمانكم"
وأنتم في سبيل ذلك وأعني التربية إما ستكافأون على ذلك في الدنيا والآخرة أو ستصيبكم لعنات مبطنة ودعوات احتساب ظاهرة؛ فاختاروا ما يناسبكم.

شكراً لك على الدعوة، أرجو أن أكون قد وفّقت في هذه المقابلة!