ها أنذا أكتب من جديد.. ونهاية كل عام.
أجد نفسي مدفوعاً إلى الكتابة؛ لا عن نجاحاتي أو إخفاقاتي بل عن ما هو أعظم.
سنة ٢٠٢٤ رغم تحدياتها إلا أنها حملت عنوان: دوام الحال من المحال، فلا شيء يدوم على حاله مطلقاً.
سنة ٢٠٢٤ تعتبر من أسوأ مراحلي المهنية وللأسف.
لا أندب حظي لأنها قرارات كنت قد اتخذتها مسبقاً وها أنا أدفع نتائجها الآن، ولعلي أجد ثمرتها ومكافأتها لاحقاً.. أرجو ذلك!
في أوقات الرخاء، في أفضل حالاتنا النفسية والمهنية نستطيع أن نبرهن على تفوقنا ونمارس سلطة فوقية على من دوننا ليست من دافع غرور وكبرياء والعياذ بالله لكن نشوة نصر نعيشها في تلك الفترة ونشجع الآخرين بطريقة إيجابية أو سلبية على بذل مزيد من الجهد للوصول إلى غايات عظيمة!
ننسى أو نتناسى ظلمة الأيام عليهم أو محاولاتهم البائسة أو اختبار الله لهم في الصبر وانتظار المكافأة الكبرى، ولا نشعر بهم إلا إذا انتكسنا عندها لا نجد أنفسنا إلا متقوقعين حول ذواتنا، نرغب بالمساعدة ولكن عزّة النفس تأبى الطلب ولكن ليس للإنسان إلا السعي والتوفيق من الله.
نعم. دوام الحال من المحال.
لا يجدر بك أن تغتر بنفسك على نجاحاتك أو أن تنسبها لنفسك دون توفيق الله ولكن ينبغي أن تعلم بأن المال رزق من الله لك يسوقه لك كيفما شاء وأينما شاء وما عليك سوى الرضا واليقين به، وما يتداوله كثير من السفهاء حول أن المال لا يأتي إلا بالسعي والاجتهاد وبمعزل عن توفيق الله الواحد فهذا ضرب من ضروب الشرك والعياذ بالله لأنه فقد ألوهيته لله القهار وجعل اجتهاده سبباً للنجاح وهو بذلك مَثل قارون عندما قال (إنما أوتيته على علم عندي)، وإن اجتهد وبذل من الاجتهاد أقصاه ونال ما ناله فليحمد الله أولاً على توفيقه إذ سخّر له الأسباب التي قد تجهلها في أثناء رحلتك؛ بمعنى أن الظروف ليست مؤاتية عند الجميع، ورحلة اجتهادك إن كانت صعبة فهي أسهل كثيراً عند آخرين، فلا أنت الذي ولدت في قرية نائية يبعد ماؤها كيلو مترات وسمتها الفقر المدقع وانتشار الأمراض والأبواء والحشرات، لا صحة ولا تعليم ولكن هو مبدأ النجاة لليوم إلى اليوم الذي يليه. وكن على يقين بأنك أحوالك ميسّرة وظروفك مهيّأة وعند التفكّر ستجد بأن الله سخّر لك الظروف والأسباب ما أدركتها سواء كانت دولة آمنة، عائلة معطاءة ومحيط داعم، أو تلك الأسباب التي لم تدركها بعد!
فلا تغتر بنتائج اجتهادك وكن حامداً شاكراً لله وحده.
وليكن دأبك هو السعي مع التسليم بقضاءِ الله وقدره ولتستحضر دوماً أبيات الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه:
فلو كانت الدنيا تنال بفطنةٍ وفضلٍ وعقلٍ نلت أعلى المراتب
ولكنما الأرزاق حظٌ وقسمةٌ بفضل مليكٍ لا بحيلة طالب