الأربعاء، 9 أكتوبر 2019

الجوكر

الساعة الآن : الثانية والنصف صباحا.
عدت للتو من دور العرض بعد مشاهدتي للفيلم المثير للجدل .. المسبب للضجة .. المؤدي للحنق والصياح عند أخصائي النفس والسذج.
قررت ألا أنام حتى أنتهي فيما جعبتي ، وأتحمل العواقب لليوم الذي يليه.

جاءني فضول شديد جعلني أشاهد المراجعات والتقييمات العربية. اخترت العربية بكامل إرادتي وقناعتي.
أصابتني لوعة مريرة في المعدة. كدت أستفرغ.
لاسيما فيما يختص بالتحليل النفسي العقيم.
أو تلك المختصة بالنقد الفني.. أو ربما ترجمة لناقد فني آخر.
من يعلم!

لا أجيد فنّ " الحرق " كثيرا هذا أولا!
ثانيا .. لست متخصصا بعلم النفس حتى أدلو بدلوي ولكن قراءات مختلفة فيه وعلم الاجتماع جعلني أنظر للفيلم من زاوية أخرى.

عندما اتخذ مقعده وبيده كتاب يدوّن ملاحظات الكوميدي من على المسرح ؛ مشهد معبّر عمّا يسمى بالتأثير الجمعي.
لم يضحك مثلما ضحك الجمهور. كان عكسهم تماما.
ضحك على عبارات لم تكن تستدعي الضحك وقتها.
الأمر ببساطة أنه ينبغي علينا أن نضحك عندما يفعل الآخرون ذلك، حتى وإن لم نفهم بيت القصيد.
سايرهم بالضحك حتى لا تكون شاذا عنهم .. في إطار مختلف عن التفكير الجمعي.

حتى البنات اللاتي حضرن وجلسن بجانبي وليتهنّ لم يأتوا من الأساس.
انشغلوا بتصوير السناب ليخبروا الآخرين بأنهم هناك .. أينما تواجد فيه الجوكر.
ضحك الجمهور فجأة .. ضحكوا معهم كذلك.
" انشغلوا وأشغلوني معهم الله يسامحهم "

كيف له أن يتصنع الضحك عندما سمع نبأ وفاة والدته!
رقص كثيرا بعدها كما لو أنه يرقص للمرة الأولى.
حقيقة الأمر أنه يصعب علينا نحن البشر من التكهّن بردة فعل شخص ما بناء على أفكاره وتجاربه الخاصة.
كلّ منّا معرّض لظروف حياتية مختلفة. وسيلة التعبيرغالبا تفضي إلى الانطباع العام للشخص دون أن نعي بما خلف المستور.

قبل أن نخرج تماما ..
تذكرت المعاني السامية في نصرة الظالم والمظلوم.
معنى أن يولد الإنسان خيّرا كما في فلسفة هيغل ولكن الحياة من تجبرنا على اتخاذ موقف ما بحسب وعي الفرد وإدراكه.
مرت أمامي العبارة التي لو طبقت بحذافيرها لاستطعنا تجاوز الكثير " لا تسأل الظالم لم ظلم ولكن إسأل المظلوم لم سكت؟! "

خرجنا جميعا وكلنّا الجوكر في داخله إلا البنات.

الثلاثاء، 8 أكتوبر 2019

النسويات

كان على وشك الخوض في جدال عقيم بسبب جملة ..
الأمر يجب أن يتوقف عند هذا الحد.
لم يرسلها بعد.
تردد كثيرا حينها.
أصابته نوبة هلع تصيبه في هكذا موقف.
أعاد التفكير مجددا .. أدرك بأن الحكمة تقتضي التريّث.

قرأ عن حكمة أوشو وثورية تولويستوي وهدوء الطنطاوي وسوداوية دوستويفسكي وإيجابية باولو كويلو وغيرهم.
تضاربت الأفكار لديه.
لا يتسع الجواب فيما ان كان على صواب أو غير ذلك لكن يعلم يقينا بأن الإنسان نفس وروح وجسد.
لنقل عقل وقلب.

يتساءل مع نفسه دوما فيما يريده من الآخر.
العلاقة الشائكة والمتوترة في معظم الأوقات.
لم تكن على اتفاق حميم مع عقله. كانت مختلفة فقط.
كانت تشبه مزاجيته المتقلبة.
تستطيع أن تحتويه جيدا.
أعجبه ذلك عدا أن سلسلة الأحداث المستمرة لم تكن تستدعي الاستمرار.
يرتبط كلاهما بالآخر وفق مشاعر ما.. احتياجات عاطفية ربما، دون أن يفصحا عن رغبتهما في الابتعاد مالم يتغير أحدهما على حساب الآخر.
نعلم بأن من يحب أكثر ينبغي عليه أن يتنازل أكثر ولكن بقناعة تامة.
أخذ يتخيل بأن علاقتهما كانت أشبه بحب سارتر لسيمون دي بوفوار.
لم يكن الأمر على هذا النحو مطلقا.

كانت البداية بأن أبتدأ هو بالسؤال الآتي في إحدى المنصات الاجتماعية :
ما رأيكم في النسويات؟ بين مالهم و ماعليهم؟
تفاوتت الإجابات المنطقية عدا واحدة كانت هزلية.
قالت : نحن معشر النساء " ما يعجبنا العجب "!
لم تقل غير ذلك.
فسرّ إجابتها وكأنها تقول : مهما طالبنا بحقنا ضمن مبدأ المساواة إلا أننا سنطالب لأكثر من ذلك.
النسوية وإن كانت حركة شعبية تهدف إلى القضاء على أشكال القهر والظلم في مجتمع ذكوري بحت ولكن قد نختلف في نهاية الأمر على المصلحة العامة.
المصلحة المحايدة عندما تغيرت الكفة إلى تمكين المرأة.
عندما يتنافس جنسان على وظيفة ما بنفس الكفاءات ولكن تنحاز للأنثى على حساب الذكر.
الأمر ليس ردّ اعتبار فحسب وإنما لخلل في سنة كونية منطلقة من تعاليم سماوية مبدأها القوامة بشرطيها المعروفين.
لم يكن الحب من نظرة .. كان الحب من إجابة.

أحبط فيما بعد حينما أدرك بأن الواقع يناقض تخيلاته وأحلامه.
عزّز ثقتها.
حفّز مشاعرها.
أرشدها إلى الوسيلة ولكنها أبت أن تخطو خطوة خارج محيط الأمان.
أسهل طريق لفشل علاقة ما هي بمحاولة تغييره.
ألم يقل درويش :
قالت أمي مرّة .. الذي يحبك هو من رأى فيك 99 عيبا وخصلة حسنة!
أحب الخصلة وترك العيوب!

لم ييأس بعد.
مازال يسعى إلى تجاوز العقبات.
تخطّي المحن و الصعوبات.
بحاجة إلى أن يصبر صبر أيوب .. فهل يمكنه ذلك؟!