الجمعة، 15 أغسطس 2025

إلى الأسد حمزة

ولدي الغالي، البكر الذي تباهيت باسمه كثيراً وجعلته كنيةً لي.
اعلم ياولدي بأني أحبك، وهذا الحب بُني على مسؤوليات وتنازلات عظيمة؛ عن سعيي الحثيث بأن تعيش حياة كريمة تناسبك، تلبي طموحاتك وتطلعاتك، عن القرارات المصيرية التي اتخذتها لأجلك؛ أنت وأخوانك.
فاذكرني بخير وأدعو لي بالخير، فمن محاسن ديننا الحنيف قول جدك المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم "وولد صالح يدعو له ".
فالله الله بتقوى الله، واستحضر نياتك الصالحة على الدوام، وامتثل لأوامر الله ورسوله الكريم، وطع أمك جنتك ونارك، وسر على نهج أهلك وسلفك الأخيار.
واعلم بأن الدنيا دار ممر، والآخرة دار مقر، فتزوّد من ممرّك لمقرّك، وعش عزيز كريم النفس، طيّب القلب مع الأخيار، وعامل معاملة الندّ مع العامة والأشرار, ولا تعش حياة السفلة، ولا تكن غايتك من الدنيا السبهللة.

واقصد المال الحلال، واسأل الله منه الكثير الوفير، واعمل على ذلك بالتوكّل على الله والأخذ بالأسباب، وساعد المحتاج وتصدّق على الفقراء؛ فالمال ياحمزة قوّة، به تعز ودونه تذل.
ولتكن كبير أهلك، وعظيمًا عند قومك.. ارعى مصالحهم ولبِّي احتياجاتهم؛ فسيِّد القوم خادمهم.

واعمل دوماً بذكاء لا باجتهاد، وليكن طموحك عنان السماء، ولا ترض بالقليل إلا في بداياتك ثم اطلب الكثير في أثناء ذلك.

وصاحب الأذكياء الفطناء النجباء، من يعينوك على تحقيق مرادك وأهدافك الدنيوية، وصاحب الصالحين لا الطالحين من يقرّبوك إلى الله أكثر والوصول إلى غاياتك الأخروية؛ واعلم بأن دنياك لا تستقيم إلا بآخرتك وإلا خسرت الدنيا والآخرة معاً، نسأل الله السلامة.

واطلب العلم باستمرار، مثل علم الأنساب فإنه يجعلك في محط التقدير والاحترام.
واحفظ الشعر وافهم معانيه العميقة من شعر الجاهلية إلى الإسلامية، من شعر عنترة إلى ديوان جدك الإمام الحداد.
وتذكّر دائمًا وأبدًا.. بأنك حمزة ابن عبدالرحمن؛ سميتك بنّية صالحة ومقصد واضح صالح بأن تصبح مثل عمّ النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأخوه من الرضاعة، الشجاع من لا يخشى الناس، المهاب على الدوام، الناصر لدين الله، أسد الله ورسوله؛ حمزة ابن عبدالمطلب
.

فهذه يا ولدي كلمات أوصيها لك.. احفظها في سرِّك واعمل بها في علانيتك وعلِّمها لأخوانك ثم لأولادك من بعدك.
فلا اعلم إن كنت قادرًا على تلقينها لك في كبرك وعند نضجك ووعيك أم أنها ستستقر معي في القبر؛ فإما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار.
ولا تنسَ بأن تدعو لي على الدوام؛ أنت وأخوانك وعيالك..

السبت، 2 أغسطس 2025

اضرب ولا تُضرب

عودة مجددًا للخواطر العبثية والسوداوية..
وعلى غير المعتاد، استيقظت مبكرًا ووجدت نفسي مختنق، وبالمعنى الحرفي لتوصيف الشعور بالكاد أتنفس.
وعوضًا عن المشي الخفيف الذي يساعدني على لملمة أفكاري؛ وجدت نفسي أذهب إلى النادي الرياضي.
عاقبت نفسي هناك، جلدتها جلدًا إن صح التعبير.
كنت اعتقد بأن هذا الجهد الاستثنائي سيساهم في تخفيف الاختناق لكنه لم يفعل!
الشيء الوحيد الذي أزاح هذا الاختناق برمته واستطعت بعدها إلى إجراء عمليات الشهيق والزفير بشكله المعتاد هو؛ البكاء.
نعم. لم يكن بكاءً عاديًا كانت وسيلة انهيار، وانهرت بالكامل.
في الحقيقة منذ فترة طويلة لم أشعر بهذه الخفة.
لم أكن اعلم إلا الآن بأن الدموع وزنها أثقل من وزن الأثقال!

لدي اعتقاد مؤخرًا بأن الحياة ستجلدنا شئنا أم أبينا.
لن تكون سهلة علينا بالمطلق.
وستمضي الأيام بعدها وسندرك بأنها مضت بخيرها وشرها.
المهم في هذا كله؛ كيف نتعامل مع الجلد؟!
وفي طريقة التعامل باعتقادي هناك خيارين اثنين لا ثالث لهما:
إما أن تكون ضاربًا أو مضروبًا، وفي كلا الخيارين أنت مسؤول عن هذا الاختيار ولا أحد سيهتم بك.
هذا هو الواقع برمته، لن تجد من يواسيك أو يحتويك أو يحتضنك في حال كان الإخفاق والضرب حليفك وقرارك؛ الجميع يطالبك بأن تكون الرجل الخارق وإلا فقدت ذاتك وشخصيتك وكرامتك.
وسواء ضَربت أو ضُربت الأمر سيان لأنه قرار وينبغي أن تدفع ثمنه عاجلًا أم  آجلًا.

خلاصة القول..
انهض أيها الضعيف "الرخمة" من عقلية المظلوم في هذه الحياة واضرب بقوة واجلد بغضب لكل من يستهين بك.
لكل من لا يضع لك حد أو تقدير.
أنت خليفة الله في أرضه، أنت مطالب بتحسين عقليتك ونفسك ونفسيتك وشكلك باستمرار.
إياك ثم إياك ثم إياك أن ترضى على نفسك بأن تعيش على الهامش.
جدتي رحمها الله بطيبتها وحنيتها كانت تقول لي: "كن مظلومًا يا مان في هذه الحياة ولا تكن ظالمًا" هكذا كانت تناديني بـ "مان" كدلع ولا أعلم إن كانت تقصد بالرجل بالمعنى الإنجليزي أو ربما بـ (Man Up) بمعنى استرجل.
لكم أود إخبار جدتي الآن بأن الحياة غير منصفة أبدًا والمظلوم في هذه الحياة هو حقير، ضعيف، هزيل .. إلخ.
وأن تكون ظالمًا خيرًا من أن تكون مظلومًا لاعتبارات دنيوية لا دينية لكن المهم في مطلق الأحوال لا ترضى على نفسك الظلم والإساءة؛ حاول جاهدًا بألا تكون ظالمًا أو مظلومًا.


حاول أن تبكي بهدوء، أن تنهار بخفة، أن تصيح بصمت.
لكن قم بعدها واضرب بقوة فإن العاقبة واحدة.