السبت، 7 نوفمبر 2020

لم يخذلونا بل كنّا حمقى

 أفضل درس مجّاني ومدفوع التكاليف ويغنيك عن ألف دورة ونصيحة يمكن أن يتعلمه إنسان على وجه الأرض هو درس الخذلان. درس مهما قرأت عنه، ومهما كنت تحمل من الذكاء الشيء الكثير ومهما سمعت من تجارب الآخرين إلا أنك لا تتعلّمه إلا بعد أن تدفع ثمنه من الألم والحسرة وقد يستمر كندبة مخفيّة أو تظهر عبر سلوك عدواني ناتج عن حماية لا إرادية من درس آخر محتمل أو ربما تمتلك الإرادة الواعية لتجاوزها بحنكة وبأقل الأضرار.

ويأتي نتيجة سببين اثنين واضحين وضوح الشمس:
- الخبرة الغير كافية
- رفع سقف الطموحات

احفظها جيّدا وأعدك بألا تٌخذل مجدداً طيلة سنوات حياتك الباقية.

ما سبق هو أمر بديهي ندركه بالتجربة.
لكن اللابديهي في الأمر وكعادتي في الكتابة وتحرّي وانتقاء زاوية تفكير مختلفة واستثنائية هو الجواب على سؤالين اثنين:
- لماذا نكرر نفس التجربة أحيانا باختلاف معطياتها؟
- كيف نتجاوز الألم بأقل الأضرار؟

دعونا يارفاق نصمت دقيقة صمت حداد على جميع أولائك الذين خُذلوا بغضّ النظر عن الأسباب والظروف والمعطيات عدا أن الموقف يستدعي معه التعاطف كشعور إنساني حيّ أو ربما تجسيد لنظرية اجتماعية تعرّب وتعرّف بالكلب المستضعف (The Underdog Effect)
بالتالي الشماتة في هذا المقام حتى لمن مارس دول الخاذل ودارت عليه الدنيا وأصبح في موقف المخذول به هو أمر خطير ننأى عنه كسِمة حلم وعقل نسعى الوصول إليه.

وبالتالي وحتى نستفيض في الشرح فإن العادة قد جرت فإننا نعيش ونتعايش في حياتنا ضمن مبدأ النفعية القائم بالأخذ والعطاء عدا إننا في بادئ الأمر نتحرّى عن الأشخاص وفق معايير مثل: اختبارات وسلوكيات وأحاديث تقيّم مدى حسن أو سوء الشخص من خلال الأفعال، المبادئ، التصوّرات والأرضيّات المشتركة التي تمثّلنا بالضرورة وقد تنجح وتفشل تلك العلاقة مع الآخر بحسب قوّة وضعف المعايير وهنا تكمن الصدمة.
الإنسان هو كائن اجتماعي رغب بذلك أم لم يرغب، طوعاً أو كرهاً المهم أن يدرك الحد الأدنى من واجباته وحقوقه تجاه الآخر (ماله وماعليه) ومن هذا المنطلق فإن تقديم الحد الأدنى لا ينتج عنه تطوّر للعلاقة التي تأخذ مجراها مع الوقت سواء كان ناتج عن عدم اتفاق المعايير أو خوف من الخذلان ولذلك نجد أنفسنا نستجيب لعاطفتنا ومنطقنا بأن المضي قدما لطور العلاقة تستحق التجربة مع استيعاب حسناتها وسيئاتها ولذلك نعيد ونكرر نفس التجربة باختلاف معطياتها.

أمّا جواب السؤال الآخر فهو أكثر صعوبة لما يحمله من آثار نفسيّة ومنطقيّة لها تراكماتها على المدى البعيد، وجواب لسؤال كيف نتجاوزها فهو معضلة مازلت أعيشها ولم تسعفني خبرتي الحياتية لإدراك هذا الجانب العميق ولذلك فأجد نفسي متورّطا إلى هذا اليوم وهذا العمر في كشف دهاليز الجوانب العلاجيّة لأن خبرتي فيها تخذلني وبكل أسف.

الحياة تستحق التجربة في أي علاقة كانت.
المهم والأهم ألا ترفع سقف الطموحات وأن تتوقع الخذلان ولا تسلك سلوك الحذر الخائف مما قد يصيبك لأنها تفقد بريق وجودة العلاقة في وقتها.
ثق بالله أولً وآخراً، وثق بنفسك واستمتع بالحياة كما ينبغي.

ليست هناك تعليقات: