الأحد، 8 سبتمبر 2019

بروباغندا

صعدت إلى المنصة دون اهتمام متوجة بجائزة الطالبة المثالية وسط تصفيق الجمهور.
قالت بالنص : " أنا ريم بنت فهد. أنا مثلكم تماما.
منكم وفيكم، لا أستحق الجائزة كثيرا عدا أني نلتها بعد توفيق الله ثم بالجهد الدؤوب. شكرا لكم "
كانت كلمات بسيطة ودون تكلف.
تبرهن على قناعة حتمية ؛ أحكموا على أفعالي فقط. تقول في سرها : لست لأني لا أجيد الحديث المسترسل ولكن لأن الجميع يفعل ذلك وبضراوة فقررت ألا أفعل.

لم تكن تجيد الكلام كثيرا.
انطوائية متفردة.
وقارئة نهمة في مختلف مجالات الفكر والفلسفة.

لديها اعتقاد راسخ بأن الإنسان كائن اجتماعي ويجب أن يحضى بحيز مشترك مع المجتمع البائس ولو بالقدر القليل الذي يسمح بمزاولة إنسانيته على صعيد الأفكار أو العواطف.

كتبت على مذكرتها الشخصية مؤخرا : لا أعتقد بأن أرى نفسي جيدة فكريا أو متزنة عاطفيا مقارنة بمحيطي سوى أني أمتلك أراء غير متوافقة معهم.
ذلك الأمر قد صعّب عليّ كثيرا سبل التواصل وتصنيفي بأني غير اعتيادية وأني أفضل منهم.
ذلك الاعتقاد جعلني منبوذة وأن جدارا سميكا حال بيني وبينهم.

لم يكن سهلا عليها أبدا تجاوز تلك العقبة.
الدائرة المفرغة والحقيقة المطلقة من ضرورة تقديم التنازلات ولكن بوعي أكبر.
مكنتها القراءة لاجتذاب أحاديث عابرة تستطيع من خلالها تفكيك الرموز وتخطي الحواجز ضمن عملية بناء نحو التغيير ولكن ببطء.
استطاعت فيما بعد لاكتشاف زاوية تفكير مختلفة واستبدلت مفرداتها بأخرى.
فبدل أن تحكي عن نيتشه وفلسفته عن الإنسان الأعلى أخذت تتكلم عن سوبرمان ، وعن ذلك الصبي الذي أرضعته ضبية في رواية حي ابن يقظان لابن طفيل راحت تتكلم عن طرزان.
الأمر سيّان ربما ولكن بطريقة تعبير مغايرة.

صار اهتمامها لاحقا منصبّا في إعادة سياقات الحضارة بطريقة قابلة للفهم.
من إعادة الشيء لأصله.
وأن الفكر ليس حكرا من خلال الكتب وإنما يمرر وبشكل مخيف لا يستوعبه العقل من الوهلة الأولى.
فمثلا ماهو الفرق بين كابتن ماجد وكابتن رابح؟
عن طريق الملاحظة فقط لا التقصي نجد أن ماجد يمثل الجانب الديموقراطي وأن النجاح ليس مرهون به فحسب وإنما من خلال فريق متكامل يساند بعضه البعض وحتى خصمه بسام استمر منافسا له حتى النهاية.
بينما رابح يمثل الجانب الشمولي وأن الفريق بدونه هو في عجز مطلق وجميع خصومه فيما بعد قد انتقلوا لفريقه تحت قيادته هو لا أحد غيره.

ومعظم تلك الأفلام الكرتونية لاسيما الشهيرة هو تمرير لأفكار تستقر في اللاوعي تخدم بالدرجة الأولى كاتبها ومخرجها، وكل هذا دون أن ندرك بأن بعضها يكمن من صميم حضارتنا ولكن عدم معرفتنا بذلك تجعلنا منساقين لما هو متوفر ..
أنا متوفر إذا أنا فارض للرأي.

ليست هناك تعليقات: