الخميس، 21 ديسمبر 2017

أين تجد نفسك بعد 5 سنوات؟!

أثناء وجوده في الركن البعيد من الغرفة .. على الكرسي المتهالك والطاولة المتآكلة أخذ الورقة البيضاء النقية بتبلّد واضح وبيده قلم ، قيل له الآتي : أكتب أين تجد نفسك بعد 5 سنوات؟

عادت ملامح التبلّد من جديد ولكن بشكل أوضح إذ أن السؤال كان صاعقا حيث لا جواب فيه. برزت تقاسيم وجهه وزادت حركته انفعالا نظر إلى الأعلى إلى الإضاءة .. كان ينظر إلى الفراغ مكررا عبارة : كيف يستطيع الإنسان أن يرى نفسه بعد سنوات من الآن؟ كيف يتكهن للمستقبل؟ ماهي الخلافة؟ من هو خليفة الله في الأرض؟

زادت الحيرة عما كان مسبقا ، نظر إلى عقارب الساعة وبدأ بالعد 48-49-50 علّها تعيده إلى تفكيره السابق إلى إجابة السؤال ؛ عدّ دقات القلب في الدقيقة الواحدة يتراوح مابين 60-90 نبضة . ما الفرق بين عدد دقات القلب وعدد نبضات القلب؟!
لمعت في رأسه الفكرة ، بادر في طقوسه الكتابية بداية من رسم حدود للصفحة وصولا إلى الأركان الأربع ثم إشارة سهم على كل زاوية تعلن عن وجود نبأ عظيم.

بادر بالكتابة :
تأتي من حيث لا تعلم .. تترقب الفرصة تتربص الحيلة وربما تخوض في النوايا لأجل أن تثبت ضعفك أيها النبيه وتتغافل عن كونها أقدار من السماء.تتصنع البهجة لتصنف على أنك شخص سوي واعتيادي ضمن حياة الآخرين دون أن تعتريك مخاوف الدونية أو اللا-طبيعية وتتناسى بفعل الطبيعة أنك الإنسان أنك الخليفة في الأرض لا السماء.

مستوى الأفكار .. انتقاء المفردات .. أسلوب الطرح .. نمط العيش واختلافك عن الآخر .. هي من تحدد ماهيتك كإنسان مستقل عن الكائن الآخر. ربما ترغب أن تبتعد عن التصنيف، لا تستهويك تلك المسميات الفارغة والمناصب الزائفة. إنما أنت من القلائل ممن يتشبث بالحياة المثالية المتمثلة في نكران الذات ونقم المجتمع.

تدني مستوى الطموح تتجلى بوضوح مع ثورة الصناعة والتكنولوجيا، تبدأ من التباهي بالمظاهر إلى حب الظهور إلى التصنع والتزيف ثم التزلف حتى وصل الحال إلى أن سبيل بناء العلاقات تتطلب تقنيات أبعد ماتكون متمثلة عن جوهر الإنسان وحقيقته الكامنة في الحب لا ارتداء الأقنعة.

تلك الحياة الروتينية الساذجة المشبعة بالآمال والطموحات لا تفضي إلى مدى وعيك أو حسن اطلاعك بخفايا الأمور ،، والتاريخ من حيث هو كما قال ابن خلدون " في ظاهره لا يزيد على أخبار الأيام والدول والسوابق من القرون الأولى، وفي باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومبادئها، وعلم بيكفيات الوقائع وأسبابها "؛ كان لعمر ابن عبدالعزيز نفسا تواقة إلى الخلافة ونالها، وتاقت أيضا لمعاوية ابن سفيان ونالها كذلك!

كان في مجلسه مايقارب 1500 نفرا بين طالب وعالم ينقلون عنه الأحاديث ومختلف العلوم، دون أي سبب يذكر اختفى عن الأنظار واعتزل الناس .. مكث 13 عاما وحيدا كان نتاجه كتابه العظيم " إحياء علوم الدين ". عاد إلى قريته بعد ذلك معلّلا سبب خروجه: أصابني العجب فذعرت من عقاب ربي فتنحيت عما كان محببا إلى قلبي! .. لم يكن حجة الإسلام الإمام الغزالي ذا طموح ولكن ذا قلب صادق .. كان إنسانا وعليه أجد نفسي إلى الممات.

نهاية السطر : لا بأس أن تكون ذا طموح ولكن إحذر طول الأمل.




  

ليست هناك تعليقات: