الاثنين، 25 يوليو 2022

استراحة محارب

 كان عالمه يتمحور حول نفسه.
لم يكن أنانياً، وإن فهمت العبارة من هذا المنطلق.
ليس لديه أصدقاء، بل زملاء.
لديه أفكاره الخاصة؛ حسنها وقبيحها.
كان يتمتع بتعلّم الأشياء الجديدة.
يستمتع بالمعلومات الحصرية التي تثري عقله وتنير زاوية تفكيره.
معلومات ذات أهمية وأثر، وليست التقليدية أو المعتادة.
كما لديه ذلك الغموض المثير.
من الإنصات بنوعيه: الحكيم أو المفتعل.
هذا النمط من الحياة ولّد لديه الروتين اليومي الكئيب.
عند الجميع إلا هو.

يرتبط بفتاة.
تكون هي أحلامه.
تملأ الفراغ الذي بداخله.
تتغيّر حياته وروتينه.
وتصبح هي كل شيء.
العالم الذي يتمحور حولها ونفسه.

على الرغم من الصفات النبيلة التي يمتلكها.
الصفات التي يحلمن بها الفتيات.
التفهم، الكرم والاحتواء.
والكتابة.
إلا أنه كان ساذجاً بطريقة تستدعي الغرابة.
على الرغم من ذكائه في تحليل الأمور، تلك التي تبنى على معطيات واضحة أو فرضيات غير مثبتة.
 إلا أنه كان جاهلاً في طريقة تعامله مع النساء.
استند على المنطق.
مع الكائنات اللطيفة، الخفيفة والعاطفية.
حتى فقدها في نهاية المطاف.

كتب إليها رسالة.
لم تكن إلكترونية بل خطّها بخطّ اليد.
سأل فيها بعجب:
ما الذي دفعك للرحيل؟
ما الذي قصّرت فيه معك؟
أ لم تكوني عالمي الذي أتمحور فيه؟
وأسئلة كثيرة سئلت بغضب.
 
حتى جاء جوابها في صفحة واحدة.
الصفحة ذات المقاس الملائم لحجم الطابعة.
وكتبت:
حاولت، ولكن الحمل كبير ولم أستطع تحمّله.
ليتك وعيت بأن لكلٍ منّا مساحته الخاصة.
عجزت أن أكون المحور الذي يتشّكل به عالمك.
خسرت الكثير؛ آمل بأن لا أخسرك.
كانت مختصرة لكن مباشرة.
ثم أرادت أن تأخذ طابعه في الرسالة.
في الحقيقة أرادت أن تستمر هذه المراسلات:
ما رأيك لو كان غيابي ما هو إلا استراحة محارب؟!
استراحة نعيد فيها بناء أنفسنا، أولوياتنا ونجدد فيه الحب؟! 

وكان لها ما أرادت..

ليست هناك تعليقات: