الخميس، 24 سبتمبر 2020

الكوميديا السوداء

.يقال عندما تصبح الأمور في حالة عجز تام ولا تستطيع معها إيجاد الحلول
عندها فقط تستطيع التهكّم، ممارسة السخرية النبيهة.
وتفعيل الكوميديا السوداء.
عندها فقط تستطيع أن تتجاوز المحنة بأقل الأضرار النفسية.
من تلك القصص التي تعني بالكوميديا السوداء هي قصّة الفقير والحكيم ..
يحكى أن شخص أبتلي بالفقر وتجرّع الذل ليجد قوت يومه وعياله،
اضطرت به الحاجة لسؤال الناس ولا يعطونه.
ذهب بعدها إلى حكيم اشتهر بحكمته في تلك القرية.
وقال له : أيها الحكيم اللبيب، إنني أقف على الطريق وأسأل الناس ولا أجد منهم ما ينتشلني من الفقر.
فكّر الحكيم لوهلة ثم سأله : أ كنت تقف على الخط أم بعده؟
جاوب الفقير : أقف بعده، حتى لا يصيبني عارض ما.
فقال الحكيم : لكن أنت في موقف تسلل!
- النهاية -

يحكى أيضا حكاية قد سمعتها مرّة والعتب على الراوي.
يقول : أنه في ظل حكم الإتحاد السوفييتي وبالخصوص في زمن ستالين.
عقد ستالين مؤتمر شعبيا لمناقشة مواضيع عامّة.
حتى إذا ما انتهى من حديثه طلب من الحضور التصفيق إشارة إلى نهاية المؤتمر.
صفّق الحضور بحرارة عالية جدا.
لدقائق معدودة.
ولم يتوقفوا!
استمر الأمر على نفس الحال أكثر من 7 دقائق.
ولم يتوقفوا أيضا.
أصبح الأمر مثير السخرية، حاول أحدهم أن يشير إلى ذلك ولم يتوقف عن التصفيق.
وحده الشجاع مدير أحد الشركات الورقية توقف عن ذلك،
بعد مرور 11 دقيقة تقريبا.
توقف لسبب.
من التعب.
وفعل الحضور مثله وتوقفوا عن التصفيق.
على الرغم من كبر سنّه إلا أنه تعرض فيما بعد لعقوبة على فعله الأرعن.
سجن 11 سنة!
- النهاية -

وعن القصائد المثيرة للتهكم والسخرية.
قصيدة كتبها الشاعر أحمد مطر.
عن شخص يدعى عبّاس.
عبّاس كان يشحذ سيفه.
رأى لص يحوم حول بيته.
دخل اللص بيته وأصبح ضيفه.
وهو مستمرا على شحذ سيفه.
قدّم عبّاس له القهوة.
واستمر على شحذ سيفه.
صرخت زوجة عبّاس.
ضيفك راودني عبّاس.
أبناؤك قتلى عبّاس.
قم أنقذني عبّاس.
عبّاس لم يفعل شيئا.
عبّاس أرسل برقيّة تهديد.
سألت زوجة عبّاس:
فلمن تصقل سيفك يا عبّاس؟
قال: لوقت الشدّة.
قالت : أصقل سيفك يا عبّاس.
- النهاية -

لا تعبأ البشرية عن مدى جديّة تعاطيك مع مواضيع قد تجدها هامّة بنظرك.
والتي لا تخصّهم بالضرورة.
مالم تندرج ضمن المنفعة الفردية.
ربما تجد تعاطف كبير مع من يشاركونك نفس الهمّ ونفس المحنة.
تجدهم يصفّقون لك بحرارة، يقلّدونك الأوسمة ويحتفون بك في مجالسهم الخاصّة والمغلقة.
وتتحمّل أنت نتيجة أفعالك وكتاباتك.
وإذا ما خفت ضوءك .. حينها السلام على كل من شجّعك وصفّق لك.

هكذا تَعلّمنا في قانون الحياة.
هكذا تُعلّمنا التجارب السابقة.
أنت حين تناضل وتقف في صفّ المظلوم والمغلوب على أمره.
إسأل نفسك سؤال مهم : هل أستطيع تحمّل عواقب ذلك؟
ما نيّتي وراء هذا الفعل؟

وأمضي قدما ولا تعبأ بالجماهير الفارغة.
أكتب لنفسك.
ناضل لإحقاق الحق.
وتذكّر حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم : "يا ابن ادم لو اجتمع الإنس والجن على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ولو اجتمع الإنس والجن على أن ينفعوك بشئ لن ينفعوك إلا بشئ قد كتبه الله لك.رفعت الأقلام وجفّت الصحف
"

طالما أن الكتابة لن تصل إلى الجماهير المتعطّشة لتلك الأراء الاستثنائية، الشجاعة والتي تنمّ عن جسارة قلبيّة!
يبقى السؤال المطروح: لماذا أكتب دون أن أصيب الهدف؟
اعتبرها حالة من الفضفضة الشخصية، حالة من التفرّغ.
لا أكثر من ذلك ولا أقل.
لا تطمح لأعلى من ذلك حتى لا تتجرّع الندم لاحقا!

يكفي أن تمارس الكوميديا السوداء قدر ما تستطيع.
انتقد بأسلوب ملتوي.
غير مباشر.
حتى لا يتم تصنيفك لأي صنف أو حزب.
حتى لا يتم وضعك في قالب أنت بعيد عنه.
كن غريبا.
كن مريبا.
واسخر على كل شيء لكن بحذاقة.
ولا تبالي بأي شيء آخر.
بعدها إرفع يدك عن الكتابة ..

ليست هناك تعليقات: