الثلاثاء، 29 سبتمبر 2020

وهلمّ جرّاً

.أجد نفسي مؤخرا مدفوعا للكتابة
بحرارة مشتعلة.
وكأن الحروف تسابقني مسار الجري.
حيث أنني بالكاد التقطها لأتفحّصها وأمحّصها وأدقّقها ثم أعيد صياغتها وتوظيفها من جديد.
أليس هذا ما يبدعه الكاتب؟!
خلق الكلمات؟
صنع الأفكار؟
وهلمّ جرّاً..

مايجعل حماسي أكثر اشتطاطا من ذي قبل.
لا سيما في الآونة الأخيرة.
هو لأنني أكتب مذكرات شخصية.
إرث ثقافي أعوّل عليه في المستقبل.
قد يبدو الأمر ساخرا ويدعوا للتهكم.
إلا أنني مؤمن بذلك.
هذا الإيمان وربما هذا التحيّز الشخصي.

هو ما يجعل فرد متفوّق على الآخر.
ليس بالنتيجة الظاهرة طبعا..
أي بعدد انتشار المدوّنة أو عدد متابعيها وقرّاءها.
وإنما بجودة تلك الأفكار.
وأفكاري التي تقرأها هنا وإن تكررّت أحيانا.
بصورة مملّة ؛ فهي أفضل بمراحل..
بسنين ضوئيّة عمّا تقرأه في معارض الكتب الساذجة.
لا سيما تطوير الذات وعلى شاكلتها.
حتى الكتب الفكرية المتأخرة ما هي إلا نسخ واستحداث للقديمة.
حتى الصحف الورقية ومواضيعها الروتينية ليست بذات الجودة العالية.
الأفكار مأساوية إلى درجة يشمئز معها العقل ومع ذلك نقرأ ولا نكتب.
لن تصل إلى مرحلة الضحالة الفكريّة طالما أنك قرأت بعض مما ورد في هذه المدوّنة.
لأنك عميق.
نخبوي.
وهلمّ جرّاً

يبدع درويش كعادته في استحضار همّ الكتابة ويقول :
" قال الغيب لي : اكتب !
فقلت : على السراب كتابةٌ أخرى
فقال : اكتب ليخضرّ السراب
فقلت : ينقصني الغياب 
وقلت : لم أتعلم الكلمات بعد
فقال لي : أكتب لتعرفها وتعرف أين كنت
            وأين أنت وكيف جئت ومن تكون غداً
            ضع اسمك في يدي وأكتب لتعرف من أنا
           وإذهب غماما في المدى 
فكتبت : من يكتب حكايته يرث أرض الكلام 
           ويملك المعنى تماما "

الإشكالية التي نقع فيها في الغالب.
هي ما نتوجّس به من خلال أفكارنا فيما إن كانت فعلا جديرة لكتابتها أو لا.
وتلك باعتقادي نابعة من عدميّة وعدم ثقة بدواخلنا.
من حيث أن الكتابة هي فعل مقدّس.
الكتابة هي فعل بريء.
لا يجدر بنا إلا لكتابة نصّ محكم متّزن يتفرّد عن غيره من النصوص.
وهذا محال.
الواقع المعاصر وأيضا القديم هو نموذج لسلسلة متكاملة من الأفكار.
نظريات متتابعة أو فلسفات مغايرة تمحو التي قبلها أو تستند عليها بحكم المنطق والعقل.
بالتالي الأفكار لا تفنى ولا تستحدث من العدم.
وكل فكرة هي بالضرورة مبنيّة على تجربة وقراءة منطلقة من الخطأ أو الصواب.

اكتبوا ولا تكبتوا.
طالما أن الكتابة متنفّس.
طالما أن الكتابة ليست أبدا فعل بريء.
طالما أن الكتابة تفضح عمّا نعجز عن قوله.
طالما أن الكتابة رسالة سامية ينتهي بها المطاف إلى فعل سامي مثل " إقرأ "
وهلمّ جرّاَ

ليست هناك تعليقات: