لم يكن يومي اعتيادياً – أي روتينيّاً – كباقي الأيام.
كان مختلفاً للحد الذي أستطيع به رؤية الأشياء بشكل مختلف.
حتى جاري الذي اعتدت مناكفته في الصباح لم يتكرر هذا الفعل ولأول مرّة.
شعرت وقتها بشعور غريب لم اتكهّنه للحظتها، الغريب في الأمر أنه بادر بالسلام من تلقاء نفسه.
وتأتي تلك التساؤلات المبعثرة تقتحم عقلي فيما إن كان مريضاً أو حزيناً لوفاة قريب له أو ربما قد سرّح من عمله مما عكّر صفوه وبعثرت أحلامه وخططه التي تنبّا بها مسبقاً نتيجة عارض ما لم يكن في الحسبان، وهذه الأفكار إنما أتت نتيجة ملامحه المتجهّمة عدا ذلك لافترضت النقيض تماما من السعادة والبهجة.
وأنا على هذه الأفكار يأتيني اتّصال مباغت من صديق طفولة لم نكن على وفاق حينها عدا أن الحياة تفعل فعلتها في المفاجآت وتتحوّل تلك العلاقة الرديئة والمشحونة بالغضب والمنافسة إلى علاقة واعية تتميّز بوجود أرضيّات مشتركة يكمّل فيها أحدهم الآخر.
سألني عمّا إن كنت متفرّغا في المساء حتى نستكمل الخطّة.
وأنا أفكّر بصوت منخفض عن الخطّة التي يقصدها؟ إذ أن الخطط فيما بيننا كثيرة والتي ننوي استكمالها خطّة تلو خطّة؛ والحقيقة فإننا نكمل بعضها ونتوقف عند بعضها متى ما طرأت فكرة أفضل!
ذلك الاتصّال أيضاً كان مختلفاً.
لم يرسل رسالة جامدة كعادته في التواصل وإنما اتصّال هاتفي بدأ حديثه بعبارة: اشتقت إليك. آمل بأن تكون متاحاً الليلة على أمل أن نلتقي في المساء، لديّ ما يسرّك ويبهجك، يكفي فقط أن تكون على الموعد في نفس مكاننا المعتاد، ويختم حديثه : متشوّق لضحكة عينيك بعد سماعك الخبر، كن بخير يا عضيد.
وأنا في طريقي إلى الخارج وجدّت الزهرة البيضاء والتي اعتني بها في كل صباح وجدتها اليوم مبتسمة. نعم زهرة تبتسم لي لكن لأول مرّة!
والقطّة الأم التي تعيل قططها الصغار وجدّتهم حولي جميعهم ينتظرونني حتى أناولهم طعام الإفطار ومواءهم وأصواتهم كانت أيضاً مختلفة على غير عادتهم.
كانوا مختلفين.
كانوا بحاجة إلى اللعب وبعض التطبيب اللطيف التي تشعر معها القطط بالأمان والسكينة. فعلهم كان إشارة على أنهم يبادلونني الحب وأنهم بذلك يشاركونني ذلك الاهتمام وذلك الأمان.
أ تعلمين ياحبيبتي لم كان يومي مختلفاً؟
بسبب الرسالة التي استقبلتها منك اليوم والتي تقول:
وأنت في أسوء أحوالك، وفي أحلك ظروفك وفي أشدّ معاركك العقليّة والنفسيّة التي تخوضها منفرداً و لوحدك .. تذّكر بأني أحبّك للحد الذي ينتشلك من غمامة السواد التي تحاصرك إلى نعيم الطمأنينة .. تذّكر جيّدا بأنّي سأقاتل وسأحارب معك وفي كل وقت.
أحبّك.